معلومات المؤتمر :

  • تاريخ البدء : الاثنين 23 ديسمبر 2024
  • تاريخ النهاية:الاثنين 23 ديسمبر 2024
  • الموقع:المغرب

معلومات المقال :

  • العنوان: التربية بالخواطر من الإضمار إلى الإظهار
  • التفاصيل:ورقة تعريفية بكتاب: “التربية بالخواطر من الإضمار إلى الإظهار”
  • تاريخ النشر : الاثنين 23 ديسمبر 2024

  • kima
kima

التربية بالخواطر من الإضمار إلى الإظهار

  • التربية بالخواطر من الإضمار إلى الإظهار
  • المغرب
  • الاثنين 23 ديسمبر 2024

ورقة تعريفية بكتاب: “التربية بالخواطر من الإضمار إلى الإظهار”

ورقة تعريفية بكتاب: “التربية بالخواطر من الإضمار إلى الإظهار” للدكتور مصطفى الحكيم

 عن دار النشر والتوزيع أفريقيا الشرق صدر للدكتور المصطفى الحكيم كتاب: “التربية بالخواطر من الإضمار إلى الإظهار” في 320 صفحة من الحجم الكبير.

إليكم ورقة تعريفية بمضمون الكتاب ورسالته:

لعل المتصفح للرصيد التأليفي المنشور ليفتقد الدراسات المتصلة بموضوع الخواطر في التراث الإسلامي، في الوقت الذي نجد فيه التناول العلمي للموضوع قاصرا على الفنون الأدبية ومباحث علم النفس. يحاول هذا العمل الكشف عن عطاء شخصية متفردة ومدرسة متجددة نقلت علم الخواطر من التأسيس النظري إلى التقعيد العملي، والتمثل السلوكي بعد أن كانت مسائله نتفا متفرقة، ومباحث مشتتة لا ينظمها تصور شامل أو نظر جامع.


فقد أرسى أبو الحسن علي بن ميمون الغماري (ت917هـ) معالم مدرسة اشتهرت بين مدارس التربية والتزكية في المشرق والمغرب وتركيا “بالمدرسة الخواطرية” جعلت من الأصول المؤسسة لها الإفصاح عن هذه الخواطر، والتمييز بينها، وتبين إشاراتها، وإدراك مراتبها، واستكناه أسرارها. مؤسسا بذلك منهجا تربويا ونفسيا يعد نموذجا فريدا للاستلهام والاقتباس، والاستفادة من روافده وقواعده لعلاج حالات نفسية، وحل مشكلات تربوية.


ويُعَرَّف الخاطر بكونه ما يَرِد على القلب من الخطاب، أو الوارد الذي لا تَعَمُّد للعبد فيه [1]، ومنهم من جعل الوارد أخص من الخاطر كما عند الطوسي (ت378هـ) الذي جعل الوارد أخص من الخاطر، فعنده لا يكون الوارد إلا رحمانيا[2]، وعرَّف الغزالي (ت505هـ) الخاطر تعريفا رائقا، جامعا، مانعا، فقال: «وأعني بالخواطر ما يحصل فيه من الأفكار، والأذكار، وأعني به إدراكاته علوما إما على سبيل التجدد، وإما على سبيل التذكر، فإنها تسمى خواطر من حيث إنها تخطر بعد أن كان القلب غافلا عنها»[3]. وتفرعت عن هذا العلم مفاهيم ومصطلحات اتصلت به، وولدت في رحمه، وتطورت في بيئته؛ من مثيل: الهاجس، والوسواس، والإلهام، والإلقاء، والنية، والعزم، واللمة…


وقد أدرك من كان قبله أهمية الخواطر في الترقي السلوكي والعلاج النفسي والتقويم التربوي فدعوا إلى العناية بها، وتحصيل علومها، لِمَا لها من آثار على السلوك البشري، بالنظر لكونها باعثة على الفعل، محركة للإرادة، إذ لا عمل إلا بخاطر. عبَّر عن هذا المعنى أبو حامد الغزالي فقال: «والخواطر هي المحركات للإرادات، فإن النية والعزم والإرادة إنما تكون بعد خُطُور المَنْوِي بالبال لا محالة، فمبدأ الأفعال الخواطر، ثم الخاطر يحرك الرغبة، والرغبة تحرك العزم، والعزم يحرك النية، والنية تحرك الأعضاء»[4]. وتابَعه السهروردي (ت632هـ) في: “عوارفه” فأكد على أهميتها وخطرها، ونبَّه على نفعها وضررها، فقال: «فإذا كان الخاطر أول الفعل ومفتتحه فمعرفته من أهم شأن العبد، لأن الأفعال من الخواطر تنشأ… لأنها أول الفعل، وبفسادها فساد الفعل»[5]. ووصل في ذلك إلى أن تَأَوَّل حديث رسول الله r: (طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) فجزم بأن العلم المتعين طلبه هو علم الخواطر[6].


وقد تعلق علي بن ميمون الغماري بالخواطر وعلومها، فارتضاها مسلكا وطريقا، واعتمدها موردا ومشربا، بعد أن استجمع دقائقها، وأدرك فوائدها، فدعا الناس إلى ورود هذا المورد، والتدرج في هذا المسلك، فبيَّن الأثر الإيجابي لشكوى الخواطر في السير السلوكي، والترقي التربوي، فقال: «وشكوى ما يكرهه المريد أي ما تَكْرَهُه نفسه، ولم تُرِد إظهارَه، ويُكْرِهُها على ذلك هو من أعظم المجاهدات الموجبة لفضل الله، وعَدَمُ ذلك أو قلَّتُه موجب لاستيلاء نفسه عليه»[7]، وأكد على هذا المعنى مبرزا فائدة شكوى الخواطر المذمومة، بقوله: «لأن في ذلك قمع النفس وكسرها إذا نسب إليها الخطأ والنقصان»[8]. وكذلك كان حال تلامذة مدرسته في التعلق بالخواطر، والتنبُّه إلى أهميتها، والإشارة إلى ضرورتها. منهم محمد بن علوان الحموي (ت954هـ) الذي قال في هذا الشأن: «فالخَطْرَة هي أصل الأعمال، ومبدأ الكمال، ومحقق الآمال، والموردة موارد النجاة أو النَّكَال، ولا سلك سالك إلا بها؛ فهي الأصل والنِّتَاج، وقوام الأبدان والمعاني، وباب المسرة والابتهاج»[9].


تبرز أهمية هذه المدرسة التربوية في ظل ما يشهده عصرنا من اضطرابات نفسية، وتشوهات خُلقية، وانحرافات سلوكية أنتجت عللا شتى وظواهر جمة غريبة؛ من مثيل: الانتحار، والوسواس القهري، والاكتئاب، والفصام، والذهان، والعصاب والانطواء… في واقع اشتدت أزماته، وتسارعت متغيراته، وازدادت مشاكله، وتعاظمت إكراهاته ومتطلباته. تُمسي معه الحاجة ملحة إلى البحث والتنقيب من داخل نسقنا المعرفي، ومنظومتنا القيمية، وتراثنا الفكري والتربوي عن أدوية شافية، وأجوبة كافية، وحلول منقذة. حتى لا نبقى عالة على غيرنا، نقتات من فتات موائد نظرياتهم العلاجية دون التفات إلى ما يحفل به تراثنا التربوي من تجارب ناجحة، وعلاجات نافعة قادرة على انتشال إنسان هذا العصر من ظلام الجهل بحقيقة نفسه، وسر وجوده, وغاية كَبَده وتعبه، مسعفة لنفسه وعقله وروحه، في عالم يعيش إنسانه -ممن لم يعرف ربه- معذب الضمير, تائه الوجهة, شارد الذهن, غريب الأطوار, دائم الحزن والاكتئاب, لاهثا وراء شهواته وغرائزه, لا يعرف له وجهة, ولوجوده معنى, ولحياته طعما ولا غاية.


وقد انتظم هذا الكتاب في مقدمة ومدخل، وفصلين، وخاتمة. تناول المؤلف في المدخل عناصر ثلاثة؛ الأول منها ألمع فيه لعناصر المنهج المتبع، ومقدماته، ومحدداته، وجعل العنصر الثاني محلا لاستجلاء ظروف عصر علي بن ميمون، وملامح مرحلته سياسيا، واجتماعيا، وتربويا، وفكريا، ثم أفرد العنصر الثالث لتحصيل مفاهيمه، وإدراك اصطلاحاته.


عمد المؤلف في الفصل الأول إلى الوقوف على مسيرته العلمية والروحية، باسطا ذلك في ثلاثة مباحث؛ مخصصا المبحث الأول منها لبيان نشأته وأسرته، ومراحل مسيرته، وتعلمه وشيوخه، وأصحابه وتلاميذه، والعلوم التي حصَّلها، واتجاهه المذهبي، ورحلة بحثه عن الشيخ المربي، ومشربه الروحي، ثم وفاته ومدفنه، وخصص المبحث الثاني لاستكشاف صفاته النفسية والخلقية، ومكانته العلمية والتربوية، وعرْض مؤلفاته. ثم ألمع في المبحث الثالث للمؤثرات التي صاغت شخصيته العلمية، وأثْرت قيمه الروحية.


عقد الفصل الثاني لتبيُّن معالم المدرسة الميمونية الخواطرية في الفكر والطريقة والمنهج، ورتبته في ثلاثة مباحث؛ تناول في المبحث الأول منها مساهمة المدرسة الميمونية الخواطرية في حركة الإصلاح في القرنين التاسع والعاشر الهجريين. ثم أبرز في المبحث الثاني أهم معالم الخطاب التربوي والسياسي عند علي بن ميمون، مفصلا نظريته في التربية بالخواطر، محددا مفهومها وأنواعها، مستعرضا تاريخها ونشأتها والإشارات المتقدمة في هذا الشأن، وشواهدها وأدلتها من القرآن والسنة. وفي المبحث الثالث بسط القول في أصول طريقته وأسس مدرسته الخواطرية اعتقادا وسلوكا وتطبيقا.


ثم أتى بخاتمة جمع فيها عناصر الكتاب ونتائجه، وأهم خلاصاته وتوصياته.

الهوامش والإحالات:

[1]  اصطلاحات الصوفية لعبد الرزاق القاشاني: 130. تحقيق مجيد هاديزاده، منشورات حكمت: طهران، 1423هـ/2003م.

[2]  اللمع لأبي نصر عبد الله الطوسي: 293. ضبط وتصحيح كامل مصطفى الهنداوي، دار الكتب العلمية: بيروت، 2001م.

[3]  إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي 3/3. دار الفكر: بيروت، 1995م.

[4]  إحياء علوم الدين 3/3.

[5]  عوارف المعارف لأبي حفص عمر بن محمد السهروردي 2/803. تحقيق أديب الكمداني ومحمد محمود المصطفى، المكتبة المكية: مكة المكرمة، 2001م.

[6]  المصدر نفسه.

[7]  الرسالة الميمونية في توحيد الأجرومية لعلي بن ميمون الغماري: 89-90. مخطوطات المكتبة الوطنية: المغرب، رقم 4ك.

[8]  قدوة المريد المنيب بأخلاق أصحاب النبي الحبيب لعلي بن ميمون الغماري: 259. مخطوطات الخزانة الحسنية: المغرب، صفحة 239-261، رقم 14142.

[9]  تحفة الحبيب فيما يبهجه في رياض الشهود والتقريب لمحمد بن علوان الحموي: 125. تحقيق أحمد فريد المزيدي، دار الكتب العلمية: بيروت، ط1، 1429هـ/2008م.